نهاد حايك
أَدُورُ حَوْلَ نَفْسي،
أَدُورُ حَوْلَ الوقتِ،
حَوْلَ الـمَكانِ والوجوهِ.
أَقرَأُ في الأصواتِ نَبراتٍ أليفةً
لَكِنَّها مُبْهَمةٌ كالطَلاسِمِ.
أنا زمانٌ في الزمانِ،
مَكانٌ في الـمَكانِ،
لغةٌ في اللغةِ،
وَمْضَةٌ ما بين الـمَهْدِ والـمَثْوى.
أَمْشي وإذا بي
أنا الظِلُّ
والظِلُّ أنا.
أَعيشُ نِصْفَ حياةٍ
فقَدْ مُتُّ نِصْفِ مِيتَة،
أُحاولُ الصُعودَ
إلى أعلى ما يُتاقُ إليه،
لَكِنَّني أَجِدُ نفسي
أَثْقَلَ من صخر.
أَتَـمرَّدُ على مِرآةٍ تُغـيِّرُ مَلامـِحي،
لَكِنـَّـني أَخافُ كَسْرَها
وضَياعَ مَلامـِحي.
أَبْـحَثُ عن الصوتِ الـمَقْموعِ
في سَراديبِ وجْداني،
لأُطْلِقَهُ حِمَمًا لاذِعَة،
لَكِنـَّـني أَخْشَى ألا يَفهمَ لُغَتي أحد.
أَعودُ إلى البداية
فأَراني أَقتربُ من النهاية.
أَلُفُّ وأَدورُ
وأَغْدو ساعةً بألْفِ عقرب.
عناصِري مُشتَّــتَــة
هنا وهناك.
هَوائي هنا وناري هناك،
تُرابي هنا ومائي هناك،
نَبْضي هنا وقلبي هناك،
دمعي هنا وعَيْنايَ هناك،
دَمي هنا وشَراييني هناك،
بَيْتي هنا وسَقْفي هناك،
كُلِّي هنا وكُلِّي هناك.
أَنْزفُ في كُلِّ اتِّجاه،
أَقِفُ في مَكانٍ ليس بالمكان،
هو انتقالٌ من انتقالٍ إلى انتقال.
——-
* كتبتها أثناء زيارة إلى لبنان بعد سنوات من الهجرة إلى الولايات المتحدة، فشعرتُ أنني أقاسي غربةً أمَرَّ وأقسى، تلك التي تصيب المرء في عقر وطنه.